روايه ضحاېا الماضي للكاتبه شهد الشورى

موقع أيام نيوز

الفصل الأول من رواية ما ذنب الحب الجزء الثاني لرواية ضحاېا الماضي لشهد الشورى
توأمان ملامحهما قد تبدو متشابهة لكن شخصيتيهما مختلفتان كل الاختلاف إحداهما هادئة متزنة تسيطر العواطف على كل تصرفاتها وتوجهها نحو طريق مدروس 
بينما الأخرى على النقيض تماما جريئة إلى أبعد الحدود تفيض ثقة وربما غرورا لا مكان للعواطف في عالمها المتمرد فهي تعيش للحظة ولا تلقي بالا لما بعدها

إنهما جوان وجوري أمير العمري
في تلك اللحظة كانت جوان أمير العمري تقف على منصة ضخمة تضيئها الأضواء الساطعة بينما يهتف الجمهور بأسمها بحماس الهتافات كانت تشعرها بالقوة والفخر إذ تحققت لها أحلامها التي لطالما سعت إليها
نظرت إلى الحشد أمامها بعينين تتقدان ثقة وكأنها تقول للعالم إنها وصلت وأن هذا هو المكان الذي كانت تستحقه دائما !!
بدأت بالغناء وصوتها العذب ملأ الأجواء صوت مميز ورثته من والدها لكنه لم يكن كافيا ليشعل شغف شقيقتها جوري التي لطالما نظرت إلى الفن بهدوء وترفع دون أن تجد فيه ملاذها لكن جوان على العكس كان الغناء والرقص وسيلتها للهرب من كل ما يحيط بها وسيلة لإعلان تمردها على العالم جميع أغانيها كانت تعكس شخصيتها الطائشة المتمردة تماما كما هو الحال في حياتها لا تخاف من أي شيء ولا تتراجع أمام أي تحد
بعد ساعات قضتها في الغناء والرقص بحركات جريئة تتجاوز الخطوط المعتادة ودعت جوان جمهورها بابتسامة مفعمة بالثقة وغادرت الحفل وسط حراسها الذين رافقوها نحو الفيلا.....
على الناحية الأخرى كان والدها أمير العمري يشاهد الحفل عبر البث المباشر على أحد مواقع التواصل الاجتماعي عيناه كانت تعكسان خليطا من الاستياء والڠضب !!!!
في حين كانت فرح زوجته تجلس بجانبه وقد لمحت التوتر على ملامحه
سألته فرح بقلق وهي تحاول أن تقرأ تعابير وجهه الصارمة 
مالك يا حبيبي متضايق ليه
أجابها بنبرة حملت حدة لم يستطع إخفاءها 
من اللي بتعمله بنتك يا فرح
تنهدت بحزن واضح في عينيها ثم قالت 
عملت إيه تاني !!
ردد أمير الذي بات ضيقه يزداد بعدما أطلق تنهيدة عميقة كأنما يحاول أن يتخلص من حمل ثقيل على صدره 
قولي معملتش ابه كل حاجة بتعملها غلط انتي اللي طول الوقت بتحوشيني عنها بس انا خلاص جبت اخري منها ومن تصرفاتها !!!!
حاولت فرح تهدئة الأمور قائلة 
أمير جوان عنيدة جدا ولو حاولنا نضغط عليها زياده تزيد عناد مش عايزين نخسرها أو نستخدم أسلوب يخليها تكرهنا او تبعد عنا
رد أمير بحدة أشد و هو ينظر لشاشة الهاتف 
واقفة تغني وترقص بجسمها قدام الناس بلبسها اللي زي الزفت ده !!!
في هذه اللحظة دخلت جوان إلى المنزل وصوت ضحكاتها المرح يملأ الأجواء لكنها ما إن رأت ملامح والديها المتوترة حتى أدركت أن هناك مشاجرة تلوح في الأفق
ألقت تحية سريعة وصعدت مباشرة إلى غرفتها المشتركة مع شقيقتها لا ترغب في مواجهة ما يحدث بالأسفل غير أنها دون أن تعلم كانت تنتظر مواجهة أخرى هناك
دخلت إلى الغرفة لتجد جوري جالسة عيناها تلمعان بالعتاب ما إن استقرت جوان داخل الغرفة حتى قالت لها جوري بنبرة معاتبة 
إيه اللي عملتيه ده يا جوان
اقتربت جوان منها محاولة أن تمتص الڠضب بقبلة خفيفة على وجنتها ثم قالت مبتسمة 
جوري حبيبتي أنا مودي حلو النهاردة لو عندك أي نصايح أو محاضرات خلينا نأجلها لبكره
لكن جوري لم تتراجع نبرة صوتها كانت هادئة لكنها حازمة 
مودك حلو فرحانة بالحفلة بالغنا بالرقص واللبس اللي 
مش هتكلم عن كلام الناس ولا عن بابا وماما....بس أنتي عارفة شيلتي كام ذنب من الحفلة دي عارفة كام واحد أثارتيه برقصك ولبسك كل كلمة غنيتيها كام واحد سمعها وكل واحد سمع أغانيكي بياخد ذنب وانتي كمان معاه
ردت جوان بعناد 
أنا بعمل الحاجة اللي بحبها وبتخليني مبسوطة
نظرت إليها جوري بعينين مشبعتين بالحزن وقالت 
المعصية هي اللي بتخليكي مبسوطة بتحسي بالسعادة و اللذة وانتي بتعملي معصية !!!
شعرت جوان بالضيق فقد اعتادت أن تتلقى النصائح من شقيقتها برحابة صدر لكنها في هذا الموضوع بالتحديد ترفض أي تدخل لا أحد يفهم شغفها ولا أحد يقدر ما يجعلها تشعر بأنها على قيد الحياة
أخذت ملابسها ودخلت إلى الحمام تاركة جوري وراءها غارقة في حزن عميق !!!
همست جوري بدعاء داخل نفسها وهي تنظر لأثر شقيقتها 
اللهم اصرف عنها لذة معصيتك وارزقها لذة طاعتك
خرجت جوان بعد قليل من الحمام ثم استلقت على الفراش متعبة من الحفل وصخب الحياة وأدارت ظهرها لجوري التي ظلت تحدق في السقف غارقة في أفكارها وقلقها على شقيقتها من أفعالها
في صباح يوم جديد كانت الحياة تنساب أمامها كحلم لطالما تمنته منزل هادئ يلفه دفء العائلة وأطفالها الذين أصبحوا الآن شبابا يحيطون بها وكأنهم أعمدة هذا الكيان إلى جانبها زوجها بدر الذي لم يتغير حبه لها رغم مرور السنين كان حبه عميقا مثل بحر لا قاع له عيناه اللتان طالما نظرتا إليها بنفس الطريقة لا تزالان تمنحانها دفئا أمانا وشعورا لا يضاهى بأنها الأجمل في هذا العالم
ورغم هذا الكمال الذي أحاط بها كان هناك ظل معتم يخيم على قلبها ظل صنعه غياب ابنها الأكبر يوسف
كلما مر ذكر يوسف شعرت حياة بوخزة في قلبها وكأن غيابه يسرق منها قطعة صغيرة في كل مرة كانت تتذكره كل صباح رغم محاولاتها المستمرة لإخفاء الألم تحت ستار الحياة اليومية
انتهت من تجهيز مائدة الإفطار تتابع الخدم الذين ينجزون ما تبقى وتضع لمساتها الأخيرة على الأطباق بنفسها
كانت تعلم أن باقي أفراد العائلة سينزلون تباعا وكأن هذا الروتين الصباحي هو الشيء الوحيد الذي يمنحها بعض الطمأنينة
نزل بدر أخيرا هادئا كما كان دائما بوسامته التي لم تتلاشى رغم مرور الزمن خصلات شعره التي بدأت تكتسي ببعض من البياض لم تضعف جاذبيته بل زادته وقارا وهيبة
اقترب منها بحب عميق ثم طبع قبلة خفيفة على وجنتها وجبينها وقال بمزيج من المزاح والعشق الذي لم يتغير صباح الجمال يا صغنن
ابتسمت بخفة تلك الابتسامة التي تحمل في طياتها ذكريات السنين الطويلة كيف رغم كل شيء لا يزال يراها صغيرة في نظره
ردت بحب كبير و هي تقبل وجنته برقة 
صباح الخير يا حبيبي
بدر بطريقته المعتادة نظر حوله كأنه ينتظر سماع ضجيج المنزل الذي اعتاد عليه...ثم قال بمرح لكن بحس من الاستغراب 
فين العيال!!!....مش عاملين دوشة زي كل يوم إيه هي القيامة قامت ولا إيه
ضحكت حياة ضحكة قصيرة لكنها حملت معها مزيجا من الفرح والحنين لما كان 
عشق بتجهز وهتنزل مروان راجع النهاردة من السفر وعاصم راح يستقبله
لكن عند ذكر مروان تغيرت ملامح بدر فجأة تراجع قليلا وكأن ثقلا قد سقط على قلبه
تنهد تنهيدة عميقة وحين نطق كانت كلماته تخرج ببطء كأنها تعبر مسافة طويلة بين القلب واللسان 
عقبال يوسف لما يرجع هو كمان...وحشني اوي يا حياة اه غلط و غلطه كبير و زعلان منه اوي.... بس وحشني !!!
كانت كلماته مثل سکين في قلبها لكنها لم تستطع أن تظهر ألمها كما يفعل هو بدلا من
ذلك أغمضت عينيها للحظة تنهدت بصمت ثم قالت بهدوء تحاول أن تتماسك.
أنا كمان وحشني اوي يا بدر
كان يوسف أكثر
تم نسخ الرابط